أحكام إسلامية

الطريقة العملية لفحص مشروعية العملات

# فحص مشروعية العملات

# فحص مشروعية العملات

تقول القاعدة الفقهية، “إن اﻷحكام معللة، والحكم يدور مع العلة.. فإذا انتفت العلة ينتفي حكم المنع“، وعلى هذه القاعدة يدور طريقة فحص مشروعية العملات.
بداية فإن “الحكم العام” للعملات الرقمية كما أسلف الدكتور محمد أبو جزر، في شرحه المفصل، هو “الجواز”، ولكن، لكل منها تفصيل.
وفي هذه السطور نختصر القواعد التي تعين على ضبط الحكم وطريقة معرفة اﻷحكام الشرعية للعملات، التي تخضع لمجموعة من المؤثرات، ثلاثة منها هي الرئيسية.

  • المؤثر اﻷول: مشروع العملة:
    إن العملات الرقمية، بالنسبة لمشاريعها كالقلب النابض، فهي تموّل المشاريع، بالتالي؛ المؤثر على الحكم هو “مشروع العملة”، وهو المشروع الذي تعلن العملة عنه في بداية انطلاقها.
    بالتالي؛ أحكامها (العملات) تتبع أحكام المشاريع، وهذه قاعدة يجب استحضارها، لأن كل حركة للعملة تعني تمويل المشروع مباشرة.
    وبالمجمل؛ فإن مشروع العملة قد يكون مباح أو فيه شيء غير مباح، وهذا ليس الهدف الرئيسي، واﻷمر الثاني، مسألة اﻻتفاقيات الترويجية التي تعقدها هذه المشاريع. فاﻻتفاقية إذا أدخلت في المشروع جوانب محرمة هنا أصبح المشروع محرم، وهنا تغير المشروع.
  • المؤثر الثاني: خدمات المشاريع:
    وخدمات المشاريع، قد تكون على أنواع، وهذا ﻻ يؤثر على حكم العملة، مع ضرورة التنبيه على عدم التعامل مع الخدمات الفرعية اﻻختيارية المحرمة.
    بالمقابل، هناك مشروع مباح وخدمات بالكامل منحصرة بأمور غير مباحة، هنا ﻻ يجوز التعامل بهذه العملة.
    ويجب عدم الخلط بين المشروع الرئيسي للعملة وخدمات المشروع.
  • المؤثر الثالث: استخدامات العملة:
    وهنا لدينا اﻻحتماﻻت التالية:
    المشروع والخدمات مباح، استخدامها: احتمالات، كلها مباح، أو بعضها مباح وآخر غير مباح، (أي تستخدم في خدمة غير مباحة) … لن يؤثر على الحكم الخاص بالعملة وإنما يقال: “لا تستخدم هذع العملة في هذا اﻻستخدام المحرم”.
    والحالة الثالثة، مشروع مباح وخدمات مباحة واستخدامات منحصرة في الجانب المحرم “مثل مشاريع الجسور”… هنا يقال: “عدم جواز التعامل بهذه العملة إطلاقًا”
    قاعدة:
    ويتغير الحكم بتغير استخدامها ﻷشياء مباحة.

وهنا في هذه المقالة، نلخص المؤثرات اﻷخرى، التي تؤثر في حكم التعامل بالعملة، وهي:

  • المؤثر الرابع: الشروط الفاسدة التي قد تضمنها المشاريع:
    وهي شروط قد تكون عقود العملات، وتتضمن شروطًا مخالفة ﻷحكام الشريعة ولها آثار واضحة على اﻷرض، كـ”العملات اﻻنكماشية/اﻻقتطاع” مثل الـ”بيبي آدا” التي تقوم اقتطاع نسبة تصل إلى 10 % وأحيانًا 15% عند عمليتي الشراء والعبيع، تزعم أنه يتم حرق جزء منها ويوزع الباقي على المحتفظين بالعملة.
    بعد المثال السابق ندخل في الحديث عن الحكم الشرعي في مثل هذه العقود(المعاملة) ونوضح سبب فسادها شرعًا.
    العقود في الفقه اﻹسلامي، لها مقتضيات؛ أي ﻻبد من تحققها في العقود وإذا لم تتحق أخلت بالعقد وفسد بسبب عدم تحققها وهي “3 مقتضيات“:
    أولها: انتقال الملكية، ثانيًا: التقابض، ثالثًا: إطلاق يد المشتري بكامل الشيء المشترى، وإطلاق يد البائع بكامل الثمن (وهذه النقطة اﻷهم)، إذا ما تحققت هذه الشروط أو وضعنا شرط يتعارض مع هذه اﻷمور الثلاثة هذا يؤدي إلى فساد العقد مباشرة.
    ونلاحظ أنه في “عملات اﻻقتطاع” يدي لم تطلق في كامل العملية خلال البيع والشراء، أي غياب حرية التصرف، وهو مخالف لمقتضيات العقد، ما يفسد العقد.
    عدا عن الدخول في شبهة الربا، فإذا أنت محتفظ بالعملة في محفظتك ستحصل على مبالغ وعوائد من اﻻقتطاع من اﻵخرين، وهو شبيه باﻹيداع لتتلقى عليها العوائد.
    أي أن الحكم باختصار، (شرط مفسد لعقد البيع الكامل، وفيه شبهة الربا، فضلا عن أن هذه المشاريع “نصب واحتيال”).
  • المؤثر الخامس: الموثوقية بالفريق الذي يقف وراء هذه العملة:
    الموثوقية متطلب شرعي، إذ لا ينبغي المشاركة في مشروع فيه مظنة لضياع المال؛ ﻷن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن “القيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال”.
    وهذا أمر ليس يسير لكنه متطلب؛ فكثير من المشاريع تفشل بسبب الفساد المالي، وسوء اﻹدراة والنصب واﻻحتيال.
  • المؤثر اﻷخير: اﻷمن السبراني:
    كما قدمنا في المؤثر السابق، فإنه عند وجود إشكالية في أمن البيانات في المشروع وسهولة السطو عليه، أي توجد ثغرة؛ فهي مظنة لضياع المال، بالتالي؛ ﻻ يجوز التعامل بها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من وقع في الشبهات وقع في الحرام”.
  • مفتاح البحث في العملات:
    وبشكل عملي هذه نقاط ومفاتيح عملية تساعد في تطبيق القواعد السابقة، بشكل يسير:
  • أذهب إلى موقع العملة، واجمع بيانات عامة عن مشروع العملة، ثم الوايت بيبر، وهذه أبرز عقبة أمامك هي معرفة المشروع.
  • أمر ثاني يعين في البحث، المعلوم أن سوق الكريبتو مقسم إلى قطاعات “القطاع الذي تنتمي له العملة”، فالسيولة تنتقل من قطاع لقطاع، “قطاع صحي وتعليم وغيرها”، وأنت تبحث وجدت المشروع يتكلم عن الجانب التقني “شبكة تخزين سحابي برمجة عقود ذكية”، هذه القطاعات غالبًا مشاريع عملاتها مباحة، لكن وأنت تبحث تبين أن المشروع يحكي عن أمور مالية، “جسور، دي فاي، تأمين”، هنا غالباً هذه القطاعات تتركز فيها العملات المخالفة ﻷحكام الشريعة، ﻻ يعني ذلك أن هذا القطاع ليس فيه عملات مباحة لكن الكثير من العملات غير المباحة موجودة، وكذلك ﻻ يعني أن غيره من القطاعات أنها خالية من المحاذير الشرعية لكن غالب اﻷحيان عملاتها مباحة ويحل اﻻنتفاع بها.
    الخلاصة أن المشاريع أقسام:
    1- مشاريع مباحة: “يكون فيها مشاريعها الرئيسية وأهدافها وخدماتها ﻻ تنحصر في الجانب المحرم” ثم أتأكد من اﻷمور البقية.
    2- مشاريع محرمة: تكون مشروعها الرئيسي أو أهدافها مباحة، أو خدماته واستخدامات عملته غير مباحة.
    وقد تكون كل اﻷمور سليمة لكن لدينا إشكالية في اﻷمن السبراني وشورط العقد والموثوقية لينقلبل الحكم إلى عدم الجواز.
    3- مشاريع مختلطة:
    عند البحث وجدت المشروع الرئيسي مختلط، منه مباح ومحرم، إذا كان الشق المحرم هو الغالب فالحكم هو التحريم.
    القاعدة تقول؛ “الحكم يتبع الغالب وليس القليل والنادر”.
    فإذا كان الشق المباح هو الغالب، لكن احتمال آخر لا يمكن التمييز أيهما الغالب، فيه شبهة قوية ﻷن الخلل هنا في المشروع الرئيسي للعملة؛ هنا أترك مباشرة “فمن وقع في الشبهات وقع في الحرام”.
    أما إذا كان المشروع مباح، لكن الغالب اﻷعم من خدماته واستخداماته هو المحرم يحكم بأن فيه شبهة، لكن تبقى شبهة خفية قد يتجاوز عنها أحياناً، واﻷبرأ للذمة أن تتقي الشبهات حيثما حلت.

المصدر: الدكتور محمد أبو جزر (كريبتو حلال)

راجع ايضاً:

حكم المشتقات في عالم تداول العملات الرقمية وما المقصود منها؟

ما حكم الفوركس.. بالفيديو والنص؟

ناشر SND

كاتب مجتمع SND المبدع, سنبقى نكتب من أجلكم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى